عواصف مدمرة.. كيف أدى تغير المناخ إلى الفيضانات الكارثية؟

إن الخسائر الفادحة في الأرواح في قارات متعددة تزيد من خطورة العواصف المطيرة الناجمة عن تغير المناخ.

ويدعو إلى الحاجة إلى أنظمة إنذار وبنية تحتية أفضل لحماية السكان الأكثر ضعفاً.

كيف أدت العواصف إلى الكوارث؟

وفي أوائل سبتمبر/أيلول، ضربت عاصفة إسبانيا تسمى العاصفة دانيال، والتي تشكلت في شرق البحر الأبيض المتوسط، وجلبت كميات كبيرة من الأمطار على مدار 10 أيام إلى عدة دول، بما في ذلك إسبانيا واليونان وبلغاريا وتركيا وليبيا.

“أدت الأمطار الغزيرة إلى فيضانات هائلة في المنطقة، مما أسفر عن مقتل أربعة أشخاص في بلغاريا، وخمسة في إسبانيا، وسبعة في تركيا، و17 في اليونان”. وبحسب بيان صادر عن.

وفي هونغ كونغ، هطلت أمطار قياسية بمعدل ست بوصات في يوم واحد. وتسبب ذلك في حدوث فيضانات مفاجئة في البلدة الجبلية الكثيفة، مما أدى إلى جرف السيارات وإغراق محطات السكك الحديدية تحت الأرض. وفي البرازيل، تسببت الفيضانات الناجمة عن إعصار في مقتل أكثر من 20 شخصا وتركت مساحة واسعة من جنوب البرازيل تحت الماء.

لكن الكارثة الأكبر حدثت في ليبيا، حيث تسببت الفيضانات في انهيار سدين. ولا يزال العدد الدقيق للضحايا غير واضح، حيث تباين عدد القتلى، حيث قدم المسؤولون الحكوميون ووكالات الإغاثة أرقامًا تتراوح بين 4000 إلى 11000 قتيل.

وفي هذا الصدد، أشار خبراء الأرصاد الجوية إلى أن العاصفة دانيال، التي جاءت قبل وقت قصير من الإعصار الاستوائي في البحر الأبيض المتوسط، كانت بمثابة “دواء” قوي بشكل خاص.

دور تغير المناخ

وقد وجد العلماء أن تغير المناخ من صنع الإنسان جعل وقوع الكارثة في ليبيا أكثر احتمالا بخمسين مرة، مع زيادة هطول الأمطار بنسبة تصل إلى 50% خلال هذه الفترة، نتيجة للغازات الدفيئة التي من صنع الإنسان.

وفي هذا الصدد، استخدم العلماء أساليب راسخة وخضعت لمراجعة النظراء لتحديد مساهمة تغير المناخ في الفيضانات. بشكل عام، وفقًا لـ WWA، لا يزال هذا الحدث “غير عادي إلى حد كبير”، ولا يمكن توقع حدوثه إلا مرة واحدة كل 300-600 عام، في المناخ الحالي.

كما وجد الباحثون علاقة بين تغير المناخ والفيضانات التي جلبتها العاصفة دانيال إلى اليونان وتركيا وبلغاريا قبل وصولها إلى ليبيا، رغم أن العلاقة لم تكن قوية تماما. وقدّروا أن الاحتباس الحراري في تلك المناطق أدى إلى زيادة احتمال هطول الأمطار الغزيرة بمقدار عشرة أضعاف.

من جانبه، أشار فلافيو لينر، الأستاذ المساعد في جامعة كورنيل، إلى أن هذه النتائج تتفق مع فهم راسخ بأن ظاهرة الاحتباس الحراري يمكن أن تزيد من احتمالية هطول الأمطار وأن التأثير يكون أكثر دراماتيكية في الحالات القصوى، التي يمكن أن ترتفع ويزداد الوقت بنسبة 8% مع كل درجة ارتفاع في درجة الحرارة. وأضاف أنه كلما زاد هطول الأمطار، زاد التأثير النسبي الذي نراه من تغير المناخ.

ومن اللافت للنظر أنه في الأشهر التي سبقت الفيضانات، كان البحر الأبيض المتوسط ​​”نقطة ساخنة للمخاطر الناجمة عن تغير المناخ”. وفي اليونان، اندلعت حرائق الغابات التي أججتها الحرارة الشديدة حتى مع وصول العاصفة دانيال إلى البلاد.

كارثة ليبيا

كانت الفيضانات التي تدفقت شرق ليبيا وجرفت مناطق بأكملها من مدينة درنة هذا الشهر، خارجة عن المعتاد بالنسبة لمناخها الصحراوي، وفي هذا السياق يقدر العلماء أن ارتفاع درجة حرارة الكوكب يجعل احتمال تعرضه أكثر بـ 50 مرة موجة من الفيضانات، بحسب التقديرات.

وفي هذا الصدد، يفيد العلماء أن العاصفة دانيال وهي عاصفة نشأت فوق اليونان وتركيا وبلغاريا تسببت في أشد هطول للأمطار على الإطلاق في ليبيا، حيث وصل منسوب الأمطار إلى 14 بوصة خلال 24 ساعة، وما نتج عن ذلك من زيادة في مستويات الأمطار بمياه البحر الأبيض المتوسط ​​الدافئة بشكل غير طبيعي. مما سمح بعواصف أقوى وأمطار غزيرة.

لكن العلماء يشيرون إلى أن تغير المناخ وحده لم يخلق كارثة أدت إلى مقتل الآلاف من الأفراد. وفي هذا السياق، تشير صحيفة واشنطن بوست إلى أنه رغم هطول الأمطار الغزيرة، كان من الممكن إنقاذ الأرواح لو صدرت تحذيرات أو أوامر إخلاء أو استعدادات أقوى. أحداث الطقس المتطرفة الجديدة الأخرى.

من جانبها، قالت جولي أريجي، مديرة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إن هذه الكارثة توضح كيف تجتمع الأحداث المتطرفة الناجمة عن تغير المناخ لإحداث تأثيرات أكبر، حيث يتعرض المزيد من الأشخاص والأصول والبنية التحتية لمخاطر الفيضانات.

وفي الوقت نفسه، سمحت سنوات الاضطراب في ليبيا بتدهور الخدمات والبنية التحتية، مما ترك البلاد غير مستعدة للتعامل مع أي أزمة إنسانية. وأكد الباحثون أن الكارثة في ليبيا تؤكد أهمية الاستعداد للتقلبات الجوية الشديدة لإنقاذ الأرواح في المستقبل.