ناغورني قرة باغ.. قتلى واشتباكات وضغوط دولية لوقف النزاع

يتجدد صراع قديم وحديث بين الحين والآخر، في ناجورنو كاراباخ، الذي تتقاتل حول سيطرته أرمينيا وأذربيجان، الجمهوريتان السوفييتيتان السابقتان، منذ أكثر من 3 عقود.

لم تكد تمر أيام قليلة على إطلاق رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان بشرى سارة مفادها أن بلاده وأذربيجان اقتربتا من التوصل إلى اتفاق سلام نهاية العام، حتى اندلع صراع جديد الثلاثاء.

الهجوم من أذربيجان

وأكد باشينيان أن “أذربيجان شنت عملية برية مسلحة في إقليم ناغورنو كاراباخ وأنها تريد جر أرمينيا إلى المواجهة”، لافتا إلى أن “الجيش الأرمني لا يشارك في هذه المعارك”.

وأضاف باشينيان في تصريحات متلفزة: “أذربيجان شنت عملية برية تهدف إلى التطهير العرقي للأرمن في كاراباخ”، مؤكدا أن “الوضع على الحدود الأذربيجانية الأرمنية مستقر وأن يريفان لا تشارك في أعمال مسلحة”، على حد قوله.

وتابع: “القوات الأذربيجانية تحاول السيطرة على المراكز السكانية في قره باغ، وأنا على اتصال مع القادة الانفصاليين في قره باغ وأتوقع أن تتحرك قوات حفظ السلام الروسية لإعادة الاستقرار إلى الوضع”.

ودعا رئيس الوزراء الأرميني روسيا والأمم المتحدة إلى “اتخاذ إجراءات” بشأن العملية العسكرية التي شنتها باكو في منطقة ناغورنو كاراباخ.

وقال “أولا يجب على روسيا أن تتحرك، وبعد ذلك نأمل أن يتخذ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أيضا إجراء”.

بدوره، دعا مساعد الرئيس الأذربيجاني إلى “حل نظام كاراباخ غير الشرعي ونزع سلاح القوات المسلحة الأرمينية المتمركزة هناك”، مضيفا: “التشكيلات العسكرية الأرمنية غير الشرعية يجب أن تستسلم”.

وتابع: “سنواصل إجراءات مكافحة الإرهاب في ناغورنو كاراباخ حتى النهاية”.

أذربيجان: سنواصل هذه العملية

فيما أكدت الإدارة الرئاسية في أذربيجان أن باكو “ستواصل ما تسميه إجراءات مكافحة الإرهاب في ناغورنو كاراباخ حتى النهاية، ما لم تستسلم الوحدات العسكرية الأرمينية وتسلم أسلحتها”.

وأضافت في بيان نقلته وكالة الأنباء الأذربيجانية الرسمية، أن “الرئاسة مستعدة للقاء ممثلي الأرمن الذين يسيطرون على الجيب الجبلي الانفصالي في أذربيجان”.

وتابعت: “ومع ذلك، من أجل وقف إجراءات مكافحة الإرهاب، يجب على التشكيلات العسكرية الأرمنية غير الشرعية أن ترفع الراية البيضاء، وعليها تسليم جميع أسلحتها، ويجب حل النظام غير القانوني… وإلا فإن إجراءات مكافحة الإرهاب سيستمر حتى النهاية.”

حصيلة الضحايا

وأدت العملية العسكرية التي بدأتها أذربيجان، الثلاثاء، ضد منطقة ناغورنو كاراباخ المتنازع عليها مع أرمينيا، إلى مقتل خمسة أشخاص على الأقل وإصابة 80، بينهم 15 مدنيا.

وأكدت السلطات الانفصالية في إقليم ناجورنو كاراباخ أن أذربيجان تستخدم الطيران العسكري والمدفعية والطائرات بدون طيار في العملية العسكرية، وأن القتال يتوسع على طول خط المواجهة “برمته”.

وقال الانفصاليون في بيان على منصات التواصل الاجتماعي، إن “القوات المسلحة الأذربيجانية تستخدم المدفعية والصواريخ والطائرات الهجومية بدون طيار والطائرات المقاتلة”.

وعرض القادة الانفصاليون في المنطقة التي تسيطر عليها أرمينيا في أذربيجان وقف إطلاق النار وأجروا محادثات مع باكو بعد عملية عسكرية نفذها الجيش الأذربيجاني.

ضغوط دولية لوقف الهجوم

وفي إطار الجهود الدولية لوقف الصراع، قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، إن روسيا على اتصال مع كل من أذربيجان وأرمينيا وتدعو إلى مفاوضات لحل النزاع حول منطقة ناغورنو كاراباخ.

وأضاف في إيجاز صحفي، أن “روسيا تشعر بالقلق إزاء التصعيد الأخير هناك وتعتبر ضمان سلامة المواطنين القضية الأهم”.

من جهته، أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أنه يعتزم الاتصال بالأطراف المشاركة في القتال في ناغورنو كاراباخ لإنهاء العملية التي بدأتها باكو في الجيب الانفصالي، ووصفها بـ«الرهيبة»، حسبما أعلنت الولايات المتحدة. رسمي.

في غضون ذلك، قال مسؤول أميركي، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن “واشنطن تأمل أن نتمكن من التكيف مع المشاكل طويلة الأمد بعد تعليق مرور المساعدات الإنسانية إلى المنطقة يوم الاثنين”، مضيفا: “وهذا يجعل هذا الحدث فظيع ورهيب بشكل خاص.

بدوره، قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في بيان: “أدان التكتل التصعيد العسكري في قره باغ الثلاثاء، ودعا أذربيجان إلى وقف أنشطتها العسكرية الحالية”.

وأضاف أن “الاتحاد الأوروبي يظل منخرطا بشكل كامل في التوسط في الحوار بين أذربيجان وأرمينيا”.

في غضون ذلك، دعت فرنسا إلى عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي بشأن القتال في ناغورنو كاراباخ، مؤكدة أنها ستعمل مع الشركاء لخلق “رد قوي” على العملية العسكرية الأذربيجانية.

قالت وزارة الخارجية الفرنسية، اليوم الثلاثاء، إنه “لا يوجد أي مبرر للعملية العسكرية التي شنتها أذربيجان في ناغورنو كاراباخ”، داعية إلى عقد اجتماع فوري لمجلس الأمن الدولي بعد الخطوة التي اتخذتها باكو.

وأضافت: “لا توجد ذريعة يمكن أن تبرر مثل هذا الإجراء الأحادي الجانب الذي يهدد آلاف المدنيين المتضررين من أشهر من الحصار غير القانوني ويتعارض مع جهود المجتمع الدولي للتوصل إلى تسوية تفاوضية”، داعية باكو إلى “وقف الهجوم فورًا والعودة إلى احترام القانون الدولي”.

وخاضت الدولتان حربين للسيطرة على ناجورنو كاراباخ، آخرهما عام 2020، أسفرتا عن هزيمة أرمينيا وأذربيجان وتأمين مكاسب ميدانية، وانتهتا بوقف هش لإطلاق النار.

ودارت الحرب الأولى حول مصير المنطقة عندما انهار الاتحاد السوفييتي في التسعينيات، وأودت بحياة 30 ألف شخص، فيما خلفت الحرب الأخيرة في 2020 نحو 6500 قتيل من الجانبين.