منظومة انقلاب الحوثي الجديدة..«كعكة فاسدة» بلون مذهبي واحد

بعد ولادة متعسرة استغرقت نحو عام لدى زعيم المليشيات ومعاونيه في صعدة، شكل الحوثيون منظومة الانقلاب الجديدة بهيكل إداري مشوه في صنعاء.

فالمنظومة الذي وصفها مراقبون بأنها “كعكة فاسدة بلون مذهبي واحد”، جرى تشكيلها بعيدا عن الأطر الدستورية والقانونية النافذة باليمن، من قبل زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي الذي لا يملك صفة دستورية أو قانونية من أجل تعزيز قبضته على الشأن العام شمال البلاد.

وبحسب مراقبين فإن الوجوه الجديدة المعنية بإدارة الشأن العام شمالا، أظهرت تقاسم عبدالملك الحوثي ونظام طهران علنا حصص التشكيل الذي سيعمل كذراع لمجلس الخبراء، وهو سلطة عليا مطلقة، شُيدت سرا في صنعاء أواخر 2023، ويضم ممثلين للحوثي وخبراء من إيران وحزب الله بالإضافة لخبير عراقي.

 هيكل للفساد الفاحش

وكان زعيم المليشيات عبدالملك الحوثي صمم هيكلا إداريا جديدا لمنظومته غير المعترف بها والذي وصفها بـ”حكومة التغيير والبناء” بمسميات لـ 19 حقيبة فقط، إضافة لتعيين “أحمد غالب الرهوي” على رأسها و3 نواب له، أحدهم رجل ديني سلالي في مهام “نائب أول”.

وسوقت مليشيات الحوثي في وسائل إعلامها على نطاق واسع هيكل التشكيل الجديد بزعم “تقليص التضخم”، لكن هذه الأكاذيب لم تتجاوز حد أحد حواري صنعاء، إذ تعالت أصوات حتى من داخل الجماعة نفسها تفضح فتح التعديل أبوابا كبرى وبلا حدود “للفساد الفاحش”.

ووفقا لناشطين بينهم موالون للجماعة فإن زعيم المليشيات التف على “التغييرات الجذرية” بدمج وزارات ومسميات وزارية مزعومة عدا 6 وزارات، وذهب لتوسيع قوائم “النواب والوكلاء” لإرضاء قياداته المتصارعة، إذ عيّن نائبين لكل وزير مزعوم، وضاعف عدد الوكلاء في كل وزارة، كما ابتكر منصبا جديدا للمدير الجديد لحكومته غير المعترف بها بمسمى “نائب أول لرئيس الوزراء”.

وإلى جانب جلال الرويشان ومحمد العاطفي لانتمائهم القبلي من حزام طوق صنعاء، أبقى الحوثي على “رجال القبضة الحديدية” كعمه عبدالكريم الحوثي في ما يسمى “الداخلية” ورجله المخلص أحمد حامد الذي يدير مباشرة أو عبر أذرعه ومقربيه كيانات مستحدثة مهمة منها اللجان كالاقتصادية والزراعية والهيئات كالزكاة والأوقاف والأجهزة كـ”سكمشا” المتحكم بالمساعدات.

أما وجوه المنظومة الجديدة الذين رفضوا ارتداء ربطات العنق بزعم “التشبه بالغرب”، فقد أُسندت الوزارات المهمة لقيادات متطرفة وعين في الحقائب الهامشية قيادات تمثيلية لبعض المناطق ويديرها”المشرفون”، فيما أبقى وزارات مثل التربية والتعليم وقطاع الأوقاف والإرشاد لتكون المناهج والمساجد تحت الإشراف المباشر من قبل مكتب عبدالملك الحوثي في صعدة.

فماذا نعرف عنها؟

محمد أحمد مفتاح

هو رجل دين متطرف، يعمل خطيبا لجامع الروضة وهو الرئيس الفعلي لمنظومة الانقلاب الجديدة الذي يشغل فيه منصب “نائب أول لرئيس الحكومة” المزعومة، وكان سابقا عضوا استشاريا في مجلس الحكم للانقلاب، كما قاد ما يسمى “حزب الأمة” للجماعة وقبلها مجلس الشورى لحزب الحق، إحدى وجهات الحوثي سياسيا.

محمد حسن المداني

هو شقيق القيادي الحوثي البارز المصنف عالميا بقوائم الإرهاب، يوسف المداني، وعمل سابقا في إحدى أهم اللجان التي استحدثتها المليشيات تحت مسمى “اللجنة الزراعية والسمكية العليا”.

كما قاد أخطر منظمات الحوثي المرتبطة مباشرة بالجانب الإيراني وتعرف بـ”مؤسسة بنيان التنموية” والتي يفرضها الحوثيون كشريك تنفيذي بالقوة للمشاريع والبرامج الأممية وتحتكر بشدة توزيع المساعدات الغذائية في بعض المناطق منها تهامة وصعدة.

وعمل المداني من خلال “بنيان” في رعاية الفعاليات الطائفية منها الخاصة بأسر “قتلى الجماعة”، وقد انتدب أحد أذرعه، القيادي الحوثي عبدالكريم المطري المقيم في طهران، للعمل كهمزة وصل بالخبراء الإيرانيين، وعينه مديرا للمكتب الدولي للمنظمة ومقرها إيران، وفقا لمصادر خاصة لـ””.

وظهر المداني كأبرز الوجوه في الحصة الإيرانية داخل التشكيل الجديد الذي يشغل فيه منصبا مزدوجا تحت مسمى”نائب رئيس الوزراء-وزير الإدارة والتنمية المحلية والريفية” في الحكومة الانقلابية غير المعترف بها.

مجاهد علي

وضع زعيم المليشيات أحد أذرعه المرتبطة بما يسمى “جهاز الأمن والمخابرات” في منصب “وزير العدل وحقوق الإنسان” كمقدمة لإحكام قبضتها على كافة مجريات منظومة القضاء.

وكان القيادي مجاهد أحمد عبدالله علي يقود ما يسمى “الهيئة الحوثية العليا” بزعم مكافحة الفساد، وفقا لمصادر إعلامية مقربة من المليشيات فإن الرجل شيد “قاعدة بيانات ومعلومات” مع الجهاز الأمني للجماعة لاستهداف شخصيات عديدة داخل القضاء تحت مزاعم “الفساد المالي والإداري” لتبرير إحلال عناصر الجماعة العقائديين بدلا عنهم والسيطرة على كل الأدوار القضائية.

محمد عياش قحيم

ضمن أهدافها الخاصة عسكريا وأمنيا وماليا، أطاحت مليشيات الحوثي بالقيادي محمد عياش قحيم من منصبه كمحافظ للحديدة بهدف تسليمها لأحد قيادتها السلالية المقربة من زعيم الجماعة والذي ينظر للمحافظة على أنها “منجم ذهب” وقاعدة عسكرية متقدمة على البحر الأحمر والبوابة الأهم لتهريب السلاح والخبراء.

وسحبت المليشيات قحيم بعيدا من معقل نشاطه في الحديدة إلى صنعاء بعد تعيينه في منصب هامشي تحت مسمى “وزير النقل والأشغال العامة”، وأسندت إدارة هذه الوزارة الذي تستغلها لإضفاء غطاء قانوني لأنشطتها خاصة تهريب الأسلحة، إلى قيادات تعمل كنواب له، على رأسهم وليد الوداعي (النقل البري) وحسن الحوثي (النقل الجوي) ومحمد الذاري (الأشغال) ونبيل الحيفي (الطرقات).

عبدالجبار الجرموزي

أحد القيادات المتطرفة للحوثيين، لا يتجاوز عمره 33 عاما، انتدبته الجماعة عند اجتياحها للحديدة في 2014 في مؤسسة البحر الأحمر لتنسيق استقبال الوقود الإيراني أو سفن تنقل مواد خاصة بالجماعة عبر ميناء الحديدة.

وبعد عامين وتحديدا عام 2016, عينت المليشيات الجرموزي المكنى “أبو يونس” وكيلا للشؤون المالية في الحديدة كأحد أبرز القادة في جناح محمد علي الحوثي، ثم انتقل للإشراف على المشاريع الوهمية للجماعة، إذ يُتهم عبدالجبار أحمد بتوفير غطاء للجماعة لحفر الأنفاق تحت الأحياء في مدينة الحديدة بغطاء شق “مجاري للصرف الصحي” والتي تسببت بكارثة بيئة للمدينة في الفيضانات الأخيرة.

وكانت مليشيات الحوثي عينت الجرموزي مطلع 2023 رئيسا لما يسمى “مصلحة الضرائب” وهي المؤسسة الذي استغلها في فرض جبايات إضافية ضد القطاع الخاص الذي لازال غالبيته يعمل من صنعاء، فيما نصبته في المنظومة الانقلابية الجديدة “وزيرا للمالية”.

رضوان الرباعي

أحد أذرع زعيم المليشيات والذي نصبه وزيرا لما يسمى “وزارة الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية”، بعد عمله كعصا غليظة له في ما يسمى “الجبهة الزراعية” والتي عمل خلالها على محاربة حتى صغار المزارعين المحليين لصالح مزارعي الجماعة الذين استحوذوا على مساحات واسعة في الجوف وتهامة وصعدة وصنعاء.

كما عمل من خلال منصبه كنائب في وزارة الزراعة في تسهيل إصدار التصاريح بالتنسيق مع القيادي “ضيف الله شملان” و”يحيى مصلح القحم” وتخص استيراد المبيدات السامة والمحظورة وهي مواد تعد أحد مصادر تمويل الجماعة ويتاجر فيها كبار قادتها.

حسن الصعدي

يصنف من أقوى أذرع زعيم المليشيات، وكان المسؤول عن إدارة الملف الاقتصادي قبل انتقاله لإدارة السوق السوداء للنفط وهي أهم القطاعات الإيرادية للمليشيات، كما ارتبط بشبكات التهريب التي توفر المواد الأولية لصناعة المتفجرات إلى جانب تنسيق عمل شبكة الصرافات بعضها تعرض مؤخرا لعقوبات أمريكية.

ووفقا لتقارير سابقة لـ”” فإن الصعدي الملقب في الأوساط الحوثية تهكما بـ” خازن بيت مال الأنصار ” لنفوذه الاقتصادي، انخرط مع ناطق الجماعة محمد عبدالسلام وعدد من القيادات الحوثية في نهب 70 مليون دولار ضمن صفقة فساد لعام واحد فقط وذلك في العام 2022.

وقاد الصعدي قبل وأثناء الانقلاب أواخر 2014 مهمة الدفاع عن سردية المليشيات أمام الإعلام الدولي، قبل أن يتوارى عن الأنظار، وبحسب مصادر خاصة لـ “” فإن الرجل يعد حاليا من أكثر قادة الحوثي نفوذا ويحظى بثقة كبيرة لدى زعيم الجماعة الذي عينه بدلا عن شقيه “حسين الحوثي” وذلك في منصب وزير لما يسمى “التربية والتعليم والبحث العلمي” وكلفه بمسؤولية استكمال تطييف المناهج التعليمية وتكثيف عملية أدلجة الطلاب بالمدارس والجامعات والمعاهد.

جمال عامر

يعد جمال عامر الذي نصبته مليشيات الحوثي وزيرا لما يسمى “الخارجية والمغتربين”، أحد عناصر ما يسمى “الأمن الوقائي” المعني بمراقبة تحصين الجماعة من الاختراق، وكان ينشط بغطاء العمل الصحفي من خلال رئاسته لجريدة “الوسط” الذي أوقفها عند الانقلاب أواخر 2014, بعد أن كانت أحد الأذرع الإعلامية للجماعة.

وقال مصدر أمني لـ”” إن جمال عامر عمل خلال حروب التمرد الذي فجرتها المليشيات في صعدة خلال 2004 و 2009 كـ”مستشار إعلامي لعبد الملك الحوثي” وهي مهمة استمرت خلال الفترة الأخيرة حتى بعد وقف جريدة “الوسط” الذي أسسها بدعم حوثي – إيراني.

وكان عامر شارك في فعالية بشأن الوضع السياسي في اليمن في هولندا في يونيو/حزيران 2023، ووفقا لمشاركين كانوا معه، منهم صحفيون، فقد طلب الرجل اللجوء ونزل في غرفة مخصصة في الكمب الرئيسي لاستقبال اللاجئين في “تير آبيل” الهولندية، لكن بعد تسرب ذلك إعلاميا عاد لإلغاء الطلب وتمت إعادة وثائق سفره وانتقل لدولة إقليمية قبل عودته إلى صنعاء.

هاشم شرف الدين

هو نجل القيادي الحوثي البارز في حزب “الحق”، أحمد شرف الدين، الذي تعرض لاغتيال غامض مطلع 2014، في صنعاء، وقد عينته الجماعة في منصب وزير للإعلام في منظومة الانقلاب الجديدة.

ووفقا لمصدر خاص لـ”” فإن هاشم يعد أحد أبرز قيادات الحوثي الذي ارتبطت مبكرا وبشكل وثيق بحزب الله اللبناني، كما كان أحد المقربين من القيادي البارز والمتطرف “حسن زيد” الذي كان وزيرا للشباب والرياضة للانقلابيين واُغتيل هو الآخر عام 2020، بعملية مدبرة في قلب صنعاء عقب اشتداد تناحر أجنحة الجماعة.

وكان الإعلان عن تشكيل أعضاء “المنظومة الانقلابية” تزامن مع اعتقال مليشيات الحوثي للقيادي محمد المطهر الذي كان يشغل منصب “وزير الصناعة والتجارة في حكومة الانقلاب المقالة وذلك عقب قرار لمجلس الخبراء استهدف مؤخرا وضع قيادات كبيرة تحت المراقبة والتقييم الأمني.

يشار إلى أن الأسابيع المقبلة من المتوقع أن تتجه المليشيات لتنصيب عناصرها العقائديين في كافة الجهات والكيانات في مناطق نفوذها من مرافق ومؤسسات وحتى في محافظي المحافظات ومدراء المديريات وستمتد للقضاء، وفق خطاب زعيم الحوثيين الشهر الماضي.