لماذا انهارت سدود درنة وهل كان يمكن تفادي الكارثة؟ ( مقابلة)

لا شك أن السبب الرئيسي لانهيار السدود في درنة بليبيا هو الفيضانات الشديدة التي يمكن إرجاعها إلى التغير المناخي الذي أحدث ظواهر برية لم تشهدها المنطقة من قبل.

لكن رغم ذلك هل كان من الممكن تجاوز هذه الأزمة أو على الأقل التخفيف من حدتها؟ أو بمعنى آخر هل كانت هناك عيوب في بناء هذه السدود جعلتها غير قادرة على المقاومة؟

هذا السؤال وغيره من الأسئلة حول بناء السدود، وكيفية جعلها أكثر مقاومة لمثل هذه الظواهر المناخية البرية، أجاب عنها في حوار خاص لـ”” مع د. المهندس حسن أبو النجا، خبير دولي في الأمن المائي، وباحث في كلية التنمية المكانية وأنظمة البنية التحتية بجامعة … كولونيا للعلوم التطبيقية في ألمانيا.

لماذا انهارت سدود درنة بالتحديد؟

وادي درنة هو أحد الأودية المهمة في شرق ليبيا، والذي يمتد على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط. يتمتع هذا الوادي بقدرة كبيرة على تجميع كميات كبيرة من المياه خلال موسم الأمطار، مما يجعله مكانا هاما لبناء السدود بغرض تخزين وتوجيه المياه للاستخدام الزراعي ومياه الشرب.

يمكن تفسير انهيار السدود في وادي درنة من الناحية الهيدرولوجية بأنه نتيجة زيادة تدفقات المياه نتيجة الفيضانات القوية، فإذا كانت كميات المياه الناتجة عن هذه الفيضانات أعلى من القدرة التصميمية للسد على استيعابها وفضفاضة فيزداد الضغط على الهيكل، مما قد يؤدي إلى انهياره بسبب زيادة التآكل. والضغط على المكونات الهيكلية للسد.

إذن تحملون السيول المسؤولية الرئيسية في انهيار السد؟

لا شك أن الأمطار الغزيرة وما نتج عنها من فيضانات هي أحد الأسباب الرئيسية لانهيار السدود في وادي درنة. إذا كانت كميات المياه في السد أعلى من قدرته على تخزينها وإطلاقها، فمن الممكن أن يزيد الضغط على السد ويؤدي إلى انهياره.

وعندما تقول من بين الأسباب، فأنت تقصد أن هناك أسبابا أخرى. ما هؤلاء؟

وبطبيعة الحال، لا يمكننا أن ننكر أن هناك عيوبا في التصميم والصيانة، فالسدود لم يتم تصميمها بشكل صحيح لتحمل التيارات العالية والفيضانات، ولم تتم صيانتها بانتظام للتحقق من سلامتها، مما زاد من خطر انهيارها. لهذا يمكن أن يكون نقص التمويل والموارد.

وأفهم من هذا أنه كان من الممكن التخفيف من آثار هذه الكارثة لو تمت صيانة السدود بشكل جيد؟

بالطبع، ولكن هذا يتطلب كما قلت لك من قبل توفير التمويل والموارد اللازمة، لأن نقص التمويل والموارد يؤدي إلى الإهمال في صيانة وتحديث السدود، مما يعرضها لمخاطر أكبر من الانهيار.

وإذا أردنا أن نخرج من هذه الأزمة بالدروس المستفادة، فما هي؟

أولاً، يجب تصميم السدود المتقدمة وترميمها. يجب تصميم السدود وتجهيزها بشكل مستدام للتعامل مع تدفقات المياه الكبيرة والفيضانات المتوقعة. بالإضافة إلى ذلك، يجب الاهتمام بالصيانة الدورية التي تهدف إلى التحقق من حالة السدود وتحديثها إذا لزم الأمر، حتى يتم الانتهاء منها. ولذلك، يجب أن يكون هناك فهم جيد للأسباب الهيدرولوجية لفشل السدود، حتى يمكن تحسين سلامتها وتقليل مخاطر الفيضانات وحماية المجتمعات في وادي درنة والمناطق الأخرى في ليبيا.

ومن التعليقات حول إدارة هذه الأزمة أن هناك تحذيرات من مخاطر الفيضانات تم تجاهلها؟

وجيد الإشارة إلى هذه النقطة لأن من الدروس المستفادة التي يجب على الجميع استيعابها هو ما يعرف بتفعيل “نظام الإنذار المبكر”، حيث ينبغي تطبيق أنظمة الإنذار المبكر للتحذير من مخاطر الفيضانات والتدفقات الكبيرة، وإعطاء الوقت لاتخاذ التدابير الوقائية، كما ينبغي توعية المجتمعات المحلية بمخاطر الفيضانات وضرورة توخي الحذر والتصرف في حالة حدوث فيضانات متوقعة والتعاون مع الدول المجاورة في مجال إدارة المياه والفيضانات، مما يمكن المساهمة في تحقيق حلول شاملة وفعالة.

وأخيرا، هل تتوقع أن تتكرر كارثة مماثلة في دول عربية أخرى؟

ولا يوجد ما يمنع ذلك، لذا يجب على جميع الدول العربية إعادة النظر في بناء قدرة السدود والبنية التحتية على الصمود والتعامل مع الفيضانات والتغيرات المناخية في أسرع وقت ممكن.

aat:jddha:bb::jf جزيرة إم آند إم