كوفية الخيزران.. رمز تهامة اليمنية للفن والأصالة

يرتديه الآباء والأجداد كبار السن في المناسبات الاجتماعية المختلفة، ويعتبر من أهم مقتنياتهم وتراثًا ثقافيًا ورثوه منذ القدم.

إنها “كوفية الخيزران” التي تعتبر رمزا للفن والأصالة في تهامة اليمنية. وهي قبعة منسوجة بعناية وجذابة توضع على الرأس خاصة للعرسان وفي المناسبات الاجتماعية والدينية.

تلتزم العديد من الأسر اليمنية في تهامة، غربي اليمن، بالحرف اليدوية التقليدية، مثل الخيام والمظلات المصنوعة من الخيزران، باعتبارها تراثاً متجذراً في الخلفية الشعبية للمجتمع.

وتعتبر هذه الحرف بالنسبة لأهالي تهامة، كالخيزران والمصارف والمظلات والمحقان، أدوات مهمة في حياتهم اليومية، ولا يمكن الاستعاضة عنها بأدوات حديثة، تقيهم من الحرارة الحارقة، خاصة في فصل الصيف.

الرمز الفني

ولا تزال هذه الحرفة مستخدمة في العديد من المدن الساحلية اليمنية، منها المخا والخوخة وزبيد وباجل وبيت الفقيه وأسلم وحرض. لكن ما يميز مديرية أسلم بمحافظة حجة هو إنتاج القبعات المصنوعة من الخيزران والتي تعتبر رمزا للفن التهامي والأصالة في محافظتي حجة والحديدة.

وقال الناشط في مجال التراث والثقافة محمد الزرنوكي في تصريح لـ””، إن تهامة موطن الفخر والجمال. ويتميز هذا المكان الجغرافي بفولكلور مختلف عن بقية المنطقة، وبأزياء وإكسسوارات شعبية متنوعة، ومن بينها هذا اللباس التقليدي الذي يلبس على الرأس والذي يعتبر رمزا للفن والأصالة التهامية في محافظات تهامة. حجة والحديدة.

ويضيف الزرنوكي أن صناعة كوفية الخيزران تتم من أعواد الخيزران الرفيعة التي تكون عميقة في العصا وتكون رطبة، مما يسهل على الصانع ضربها لزيادة تماسكها وترتيب الأعواد.

وهناك أيضًا أنواع أكبر من كوفية الخيزران تكون أوسع وأكثر ارتفاعًا، وتسمى (القبعة)، وهذا ما ترتديه النساء في تهامة أثناء خروجهن للعمل في الأرض أو التسوق أو حفلات الزفاف.

وهناك نوع ثالث يرتديه الرجال أثناء العمل تحت أشعة الشمس الحارقة لحماية رؤوسهم من الحرارة، وهو أقل تكلفة ماليا من مظلات الخيزران التي يتداولها التهاميون ضمن العادات والتقاليد والعادات الموروثة.

تهديدات الحوثيين بالحرب

ترتبط قبعات تهامة الشعبية أو كوافي الخيزران بثقافات متوارثة منذ القدم، وهي تراث ينفرد به أهل تهامة ويميزهم عن غيرهم من أبناء البيئات المحلية الأخرى.

وفي ظل التجديد الحديث وحروب مليشيا الحوثي على المنطقة بدأت في التراجع وتكاد تختفي إذا لم تقبل الجهات الرسمية ممثلة في وزارة الثقافة اليمنية بالحفاظ على هذا التراث التاريخي الجميل

وتتراوح أسعار مقاهي الخيزران من 3000 ريال يمني إلى أكثر من 50 ألف ريال (حوالي 80 دولارا). تختلف أسعار مقاهي الخيزران حسب لونها وجودتها. كلما كانت أكثر نعومة وإشراقًا، كلما كانت أكثر تكلفة، مثل الخيزران.

ويصنع الخيزران من لحاء شجرة تسمى الخيزران، وهي منتشرة على نطاق واسع في مناطق الصحراء التهامية، وأحياناً في المملكة العربية السعودية ودول أخرى، بحسب ما يقول أحد العاملين في هذه المهنة.

وتقول السيدة اليمنية هدية الشامي، من سكان منطقة الحديدة الساحلية، إن العمل في الحرف اليدوية، مثل أغطية الخيزران المختلفة والمظلات والقبعات، يرتبط تاريخياً بأسرتها حيث يوفر لها دخلاً يومياً يساعدها. الأسرة في حياتها.

وأضافت في تصريح خاص لـ””: “لقد ورثنا المهنة عن كبار العائلة، ونحافظ على هذا الموروث الشعبي، فالخيزران هو أغلى ما ننتجه، وهو أغلى ثمناً مقارنة بالمقاهي الأخرى”.

وأوضحت المرأة المسنة أن ما يميز الخيزران هو مكانته وأن المشايخ وكبار التجار الذين يرتدون هذه الكوفية يرمزون إلى مكانتهم الاجتماعية في المجتمع.

ويعتبر “الخيزران” تراثاً ثقافياً توارثه التهاميون جيلاً بعد جيل، إذ اشتهروا بارتدائه منذ مئات السنين. ويقول المؤرخون إن الرجل فيما كان يعرف بالمخلاف السليماني كان يرتدي إزارا وقميصا قطنيا أبيض، وتزين رأسه كوفية مصنوعة من الخيزران.

ورغم مكانتها الاجتماعية لدى التهاميين، فإنها تواجه تحديات في الحفاظ عليها كرمز للهيبة والمكانة، تارة من قبل صناعها، واستبدالها بالعمامة الحوثية تارة أخرى.