«طوارئ» وسط التصعيد.. وزير الصحة اللبناني يكشف لـ«» «خطة المواجهة»

تهديدات بالتصعيد بين حزب الله وإسرائيل ترفع منسوب المخاوف من انزلاق النزاع إلى حرب مباشرة يكون لبنان المثقل بأزماته مسرحها.

مخاوف تجعل العالم بأسره يحبس أنفاسه تحسبا لجميع السيناريوهات المحتملة، وتدفع لبنان، البلد الرابض على رمال متحركة، لأن يتحرك استباقيا للاستعداد أيضا لأسوأ الاحتمالات.

ولأن قطاع الصحة يعتبر خط المواجهة الأول في حال حدوث أي اضطرابات، فإن خطة لبنان وسط التصعيد الحاصل تطرح نفسها كأولوية قصوى، وفق ما كشفه وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال الدكتور فراس الأبيض.

وفي مقابلة مع «»، توقف الأبيض عند الخطوط العريضة لخطة طوارئ صحية قال إنه جرى وضعها تحسبا لأي تطور باتجاه الحرب أو التصعيد بشكل أكبر.

وتحدث الوزير عن واقع قطاع يعاني أصلا من ضغوط جراء الواقع السياسي المعقد والاقتصادي المتردي والأمني المتوتر، مفصلا التدابير الوقائية والاستعدادات الإجرائية لجميع الاحتمالات.

وشدد الوزير على أن وقف إطلاق النار يظل الخيار الأمثل لاستعادة الأمن ومنع إراقة دماء الأبرياء.

وأسفرت ضربة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت أواخر الشهر الماضي عن مقتل القائد العسكري البارز في حزب الله فؤاد شكر قبل ساعات فقط من اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في طهران، في ضربة نسبت لإسرائيل التي لم تعلّق عليها.

والإثنين، حذرت واشنطن من أن إيران قد تشن “هجوما كبيرا” على إسرائيل هذا الأسبوع، ردا على اغتيال هنية، فيما يستمر التصعيد بالجبهة الشمالية بين تل أبيب وحزب الله، وسط مخاوف من أن يتحول التوتر لحرب.

«طوارئ صحية»

في المقابلة، يقول الأبيض إنه “ممّا لا شكّ فيه أنّ القطاع الصحي في لبنان تحت ضغط كبير، ولذلك نفضّل بالتأكيد تجنّب أيّ تصعيد قد يحصل”.

وأضاف: “ونحن كحكومة، قلنا منذ اليوم الأول إنّنا لا نريد الحرب ونطالب بوقف إطلاق النار من غزة إلى لبنان، لكن حاليًا من يُصعّد ويعتدي هو إسرائيل، وواضح أنّ نواياها تصعيدية، ونحن كقطاع صحي نحاول رفع الجاهزية تحسبا لأيّ طارئ يمكن أن يحصل”.

وتابع: “عملنا على تشغيل غرفة الطوارئ الصحيّة، وهي قسم جديد افتتحناه بالوزارة منذ التاسع من أكتوبر/تشرين الأول (الماضي)، حيث نعمل على تدريب كلّ العاملين في القطاع الصحي على كيفيّة التعامل مع كلّ أنواع جرحى الحروب”.

وتركز التدريبات بشكل خاص -وفق الوزير- “في حال استخدام الأسلحة المحرّمة دوليًا مثل الفوسفور الأبيض، والذي قصف به الجيش الإسرائيلي جنوب لبنان مرات عدّة”.

وفي معرض حديثه عن تفاصيل الاستعدادات، قال الوزير: “وضعنا خطط طوارئ في كلّ مستشفى في حال وصول عدد كبير من الجرحى، من أجل تنظيم عمليّة التعامل معهم وتقسيم الأعداد”.

كما “عملنا على تشبيك هذه المستشفيات مع القطاعات الناقلة للجرحى، من أجل الاتفاق على كيفية توزيعهم”، على حد تعبيره.

وفي الجانب اللوجستي، يقول إنّه لم يكن هناك مركزية في توزيع الأدوية والإمدادات الطبية، بل تمّ توزيعها في مختلف المناطق، من أجل أن تكون مجهّزة بما يلزم.

وأشار إلى أنه “تمّ تقسيم المستشفيات إلى 3 أقسام: الأحمر والبرتقالي والأخضر، بحسب قربها من أماكن المواجهات الميدانيّة في جنوب لبنان”.

فيما “تتركز المساعدات بشكل أساسي بالمستشفيات في المنطقة الحمراء التي حصلت على الحصة الأكبر من التجهيزات باعتبار أنّها تستقبل أكبر عدد من جرحى الحرب”.

كذلك أوضح الوزير أنّ “الحكومة اللبنانية أقرّت مبالغ من أجل تغطية جرحى الحروب، حيث تعمل وزارة الصحة على تغطية نفقات علاج الجرحى في المستشفيات بنسبة 100%”.

وفي ما يتعلّق بالتجهيزات، قال: “أعدنا افتتاح بعض الأقسام الخاصة في مستشفيات جنوب لبنان، بخاصة في حال استخدام القصف الفوسفوري وغيره”.

وأوضح أنه “جرى افتتاح أقسام مخصّصة للإصابات بحروق، وتوسيع بعض أقسام العناية المركّزة في المستشفيات، كي نكون قادرين على مواجهة أي طارئ في حال حصوله”.

الأدوية والنزوح

أمّا بالنسبة لمخزون الأدوية، كشف الأبيض أنّ الوزارة عملت على التنسيق والتواصل مع جميع الشركات المستوردة، من أجل رفع المخزون من الأدوية والمستلزمات الطبيّة، لما يكفي لمدة 4 أشهر على الأقل في البلاد.

ولفت إلى أنّ هناك آليات خاصة ومحدّدة من أجل التواصل بين مختلف الأجهزة في القطاع الصحي للتنسيق فيما بينها.

وفي ما يخص معضلة النزوح، أشار الوزير إلى وجود جهود مماثلة على صعيد الاستعداد لهذه المحنة، “فحاليًا هناك أكثر من 100 ألف نازح، ونحن نحضّر في الوقت نفسه مراكز الرعاية الأوليّة في حال أصبح هناك أعداد أكبر من النازحين، وتمّ رفع جاهزيتها”.

كما تمّ تفعيل عمل أكثر من 20 وحدة نقّالة تزور أماكن الإيواء للوقوف عند احتياجاتهم من الدواء وغيره من المستلزمات وتأمينها.

أيضا، يقول الأبيض “نحاول رفع الجاهزية في موضوع الترصّد الوبائي خصوصًا في الأماكن التي تشهد تجمعات للنازحين، إضافة إلى الدعم النفسي والعقلي للمحتاجين”، وفق الوزير.

وبالنسبة لتوفّر المحروقات، وتحديدًا مادة المازوت التي تُشغّل المولّدات الكهربائيّة والتي تعتمد عليها غالبية القطاعات في لبنان، لفت الوزير الأبيض إلى أنّ هذا الموضوع من مسؤولية وزارة الطاقة والمياه.

ومستدركا: “لكنّ وزارة الصحة عالجته من خلال أمرين، فالوزارة ومنذ 3 سنوات بدأت خطتها لاستعمال الطاقة البديلة في الكثير من المستشفيات، حيث إنّ 60% من المستشفيات الحكوميّة والغالبية العظمى من مراكز الرعاية الأولية اليوم، باتت تعمل بالطاقة البديلة.

وبحسب الوزير، فإنه “رغم أنّ الطاقة البديلة لا تُغطّي 100% من حاجة المستشفيات، ولكنها بالتأكيد تُشكّل عامل مساعدة”.

إضافة إلى ذلك، “فإنّ خطة الطوارئ التي وضعتها الحكومة، أعطت المستشفيات الأولويّة في موضوع المحروقات، لا سيما المازوت للمستشفيات والبنزين لسيارات الإسعاف، ونحن كقطاع لدينا الأولويّة كي نبقى قادرين على القيام بواجباتنا”، بحسب الوزير.

“الوقاية خيرٌ من العلاج”

وختم الوزير مذكّرًا بالمقولة “الوقاية خيرٌ من العلاج”، معتبرا أنّ “أفضل ما يمكن أن يحصل رحمة بالجميع وخصوصًا بالأبرياء والنساء والأطفال، هو وقف فوريّ لإطلاق النار”.

وأكد أنّ “هذا النداء موجّه للجميع لوضع حدّ لهذه الحرب القائمة والتي يدفع ثمنها بشكل أساسي الأبرياء”، متمنيًا أنّ “لا يحصل أيّ تصعيد وأن لا نحتاج لجميع الخطط والإجراءات والتدابير الصحيّة”.

كما جدّد التأكيد على أنّ موقف الحكومة اللبنانيّة واضح منذ اليوم الأول، وهو “لا نريد الحرب، ولوقف فوريّ لإطلاق النار من غزة إلى لبنان”.