ضريبة كفاح.. شباب اليمن يرسمون السلام وسط ألغام شائكة

يدفع شباب اليمن ضريبة كفاح طويل لبناء مستقبل مشرق لأحلامهم وسط بلد مليئة بالألغام الشائكة التي تستغل تطلعاتهم لصالح أجندات سياسية.

شمالا، حيث تخنق مليشيات الحوثي الحياة برمتها، لم يعد للشباب صوتا يقود أحلامهم في بناء اليمن الجديد، وبات غالبيتهم عرضة للمخدرات وحملات تجنيد المليشيات التي حولتهم مجرد ذخيرة في حرب انقلابها.

وفي مناطق نفوذ الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، يواصل الإخوان ركوب موجة مطالب الشباب منذ نكبتهم 2011, واستغلال حتى فعالياتهم المدعومة من وكالات دولية لمنح الشباب فرصة لبناء السلام وصنع القرار.

وبرز هذا الاستغلال، في فعاليات الدورة الثانية للمؤتمر الوطني العام للشباب، وهو مكون شبابي أنبثق أساسا عن مؤتمر الحوار الوطني الذي انعقد 2013 في صنعاء وتحولت مخرجاته لأحد المرجعيات التي تتمسك بها الحكومة اليمنية المعترف بها لحل الأزمة في البلاد.

وقال ناشط شبابي، فضل عدم ذكر اسمه، لـ”” إن شخصيات موالية للإخوان تصدرت فعاليات المؤتمر الوطني التي أقيمت في مدينة تعز ووادي حضرموت وحتى في مأرب، فيما منع آخرين من قدرة المشاركة في هذه الفعاليات لتطوير مهارتهم القيادية.

وأوضح أن هذه الجهود الشبابية والفعاليات كانت قد أقيمت بمناسبة اليوم العالمي للشباب بدعم من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية والمعهد الديمقراطي الأمريكي وكانت بغرض توفير فرصة لشباب اليمن للمشاركة الفاعلة في بناء السلام والمجتمع والبلد.

وحث الشاب اليمني الجهات الدولية والأممية لعدم الاستسلام للواقع في البلاد وتبني مزيد من الدعم للبرامج التي توفر فرص تنموية اقتصادية واجتماعية مخصصة للشباب لربطهم في ريادة الأعمال والتوظيف، إلى جانب تعزيز مشاركتهم المدنية والسياسية ومهاراتهم القيادية وتحدي الألغام الشائكة التي تشهدها البلاد.

أصوات شبابية في عدن

اتخذت دائرة الشباب والرياضة في المجلس الانتقالي الجنوبي اليوم العالمي للشباب الذي يصادف الـ12 من أغسطس/ آب من كل عام، وأتاحت في عدن فرصة للأصوات للانخراط في بناء الدولة والحياة السياسية.

وعكس الاحتفال الذي أقيم في عدن تحت شعار: ”تعزيز أدوار الشباب في بناء السلام وتحقيق أهداف التنمية المستدامة”، مدى حاجة شباب البلد للمساهمة في السلام، وأن يكون لهم دور في إنهاء الحرب، والتوجه نحو التنمية.

وقدم شبان خلال احتفال المجلس الانتقالي باليوم العالمي للشباب في عدن، أوراق بحثية ودراسات حول واقع الشباب في المحافظات الجنوبية من اليمن، وكيفية تعزيز دورهم في التنمية وبناء السلام.

وكان المجلس الانتقالي حرص خلال إعادة هيكلة هيئاته ودوائره مؤخرا على اعطاء الشباب مساحة ودوراً وشراكة ومشاركة في صناعة القرار وتقلدت عددا من الوجوه الشابة أهم المناصب وهي خطوة انفرد بها عن بقية المكونات والأحزاب والقوى الموجودة في البلاد.

ياتي ذلك كون اليمن دولة فتية وشابة، إذ يصنف ثلثي سكان البلد تحت سن الثلاثين عاما، ما يعني أن غالبية الفئة المنتجة ترزح تحت تهديدات البطالة والتجنيد والاستغلال، كأبرز تداعيات الحرب التي أشعلها الحوثيون في البلد منذ اجتياح صنعاء في 21 سبتمبر/ ايلول 2014.

ويأتي احتفال اليوم العالمي للشباب في عدد من المدن الخاضعة للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، بعد مرور 8 أعوام من اعتماد قرار مجلس الأمن الدولي 2250، الذي أكد أن “الشباب يلعبون دورا مهما وحيويا في الحفاظ على السلام والأمن الدوليين وتعزيزهما”.

خدمة المجتمع

رغم أن الشباب اليمني ما زال يعاني الإقصاء والتهميش وعدم إشراكه في عملية السلام والمفاوضات الخاصة بالتسوية السياسية وإنهاء الحرب باليمن، إلا أن ثمة جهود محلية كما هو اللقاء التشاوري للشباب في تعز وأخرى في عدن يمكن اعتبارها تصب في هذا الاتجاه.

ويرى رئيس المنتدى الشبابي للتنمية في اليمن، أصيل محمد أن الشباب اليمني قطع شوطا كبيرا في مجال العمل المدني والمجتمعي، باعتبار هذا القطاع هو “الرافعة الأساسية لإيصال صوت الشباب وإثبات أنفسهم لدى صناع القرار”.

وقال أصيل لـ”” إن رفاق العمل المجتمعي، وكل شبابنا الواثق والطموح، يصبون كل طاقاتهم في خدمة المجتمع والصالح العام، في ظل اهتمام مؤسسات العمل المدني وهيئات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بتمكين الشباب وتعزيز دورهم مجتمعيا.

حديث الناشط السياسي تضمن في ثناياه الإشارة إلى أن الشباب قادرون على تعزيز السلام وبناء تنمية حقيقية ومستدامة من خلال العمل المجتمعي، وعبر مؤسسات مدنية متخصصة تأخذ على عاتقها مهمة تبني القادة الشباب وتنمية جهودهم في هذا الإطار.

وأضاف رئيس المنتدى الشبابي أن ذكرى اليوم العالمي للشباب تمر وما زلنا مستمرين في خدمة أخوتنا وزملائنا الشباب، وفخورين بما حققناه في السابق، سواء عبر مؤسسات المجتمع المدني، أو على المستوى الشخصي.

وثمن أصيل محمد جهود دائرة الشباب والرياضة في المجلس الانتقالي الجنوبي، ممثلة برئيس الدائرة الكريحي كنعان، وجهود الحكومة اليمنية المعترف بها لحرصهم البالغ على الدفع بالشباب نحو أن يكون لهم دور فاعل في السلام.

وذلك من خلال خلق شراكات فاعلة بين الشباب ومختلف القطاعات والمؤسسات المعنية بتأهيل ورفع قدرات الشباب، بالإضافة إلى تلك الجهات التي تمتلك رؤية واقعية وعملية لإيصال هذه الفئة إلى مكانتها التي تستحقها، بحسب أصيل.

وأضاف “تظل جهود الشباب رسالة سامية ويحق لهم أن يفاخروا -في هذا اليوم الاستثنائي- بمركزهم وما وصلوا إليه من مكانة محلية تؤهلهم لأن يساهموا في بناء السلام وتحقيق التنمية المستدامة”.