“رامبو” و”عايشة” و”مارون”: يوم الأفلام العربية في مهرجان فينيسيا

شهد اليوم السابع لمهرجان فينيسيا الدولي الـ81 حضورا مكثفا للسينما العربية، تمثل في عرض ثلاثة أفلام: المصري «بحثا عن مخرج للسيد رامبو»، والتونسي «عائشة» واللبناني «مارون». “. العودة إلى بيروت».

الأفلام الثلاثة، التي تعرض الواحدة تلو الأخرى في قاعات مختلفة، ترسم صورة مشرفة ومتنوعة للسينما العربية الجديدة.

حنان الأحلام وخشونة الواقع

فيلم “البحث عن مخرج للسيد رامبو” من إخراج خالد منصور وتأليف محمد الحسيني وبطولة عصام عمر وركين سعد وسماء إبراهيم وأحمد بهاء.

القصة في «..رامبو» شبه تقليدية: شاب ووالدته في حي شعبي فقير مهددان بالطرد من شقتهما من قبل صاحب المنزل الذي يريد توسيع ورشة إصلاح السيارات الخاصة به. شاهدناه في عشرات الأفلام والمسلسلات، لكن المختلف هنا هو أن الشاب حسن (عصام عمر صاحب كلب ضخم ولطيف) يهاجم صاحب الشقة كريم (أحمد بهاء) عندما يتعلق الأمر بالعراك بالأيدي. تندلع بينه وبين حسن… مما يجعله يهدد بقتل رامبو ويصر على إبعاد حسن ووالدته. وهنا تصبح الحبكة المركزية محاولة لإنقاذ الكلب والبحث عن ملجأ له بعيدًا.

تبرز جوانب في رحلة ليلية سريالية تحمل لمحة من الواقع، لكنها لا تتناول منطق الواقع وتذكر بأعمال مثل «بعد ساعات» لمارتن سكورسيزي أو «البحث عن سيد مرزوق» لداود عبد السيد استكشافًا وبحثًا. أماكن مدينة القاهرة وأغلبها لا يوجد إلا في… خيال صناع الفيلم، يتضمن مشهدًا غريبًا لمكان يدور فيه قتال دموي بين الكلاب، وعوالم مخيفة كالكوابيس، وعلاقة عاطفية على وشك الحلم: واقع مصور بالتفصيل وفقًا لأفكار صناع الفيلم.

إقرأ أيضاً إقرأ أيضاً

مبدعو “السيد. رامبو: قال لـ«الشرق»: مشاركتنا في البندقية فرصة ورهان وتحدي.

قال محمد حفظي، منتج فيلم “البحث عن مخرج للسيد رامبو”، إن مشاركة العمل في مهرجان البندقية السينمائي كانت بمثابة توقع بالنسبة له.

يجيد مبدعو “رامبو” خلق هذا العالم بين حدود الواقع والكابوس والحلم، وبفضل الكلب الذي يشارك في البطولة يحتفظ الفيلم بخط “إنساني” ودرامي يأسر انتباه المشاهد ويجذب انتباهه. تعاطف.

لكن هذا العالم السريالي، المصمم بشكل جيد بصريا (للمصور السينمائي الشاب أحمد طارق بيومي)، يشوبه حوار تقليدي تهيمن عليه الثرثرة، يصل أحيانا إلى حد الفجاجة، وأداء تمثيلي غير مستقر أحيانا، “تلفزيونيا”، مما يناقض حالة الحلم التي فيها الصورة تطفو.

يكمن ضعف «رامبو» في توحد الأسلوب، ولعل السبب يكمن في أن صناعه فكروا في اتجاهين مختلفين: الأول صناعة فيلم واقعي «خشن»، والثاني صناعة فيلم سريالي. واحد يصنع فيلم خيالي. ولولا تلك المذكرة لكان “رامبو” شيئاً مختلفاً.

بارزاوي بدون ميلودراما

بعد حصول فيلمه الروائي الطويل الأول «نحيا» الذي شارك في قسم «آفاق» بمهرجان البندقية السينمائي 2019، على جائزة التمثيل، كما فاز بجائزة أفضل فيلم عربي في مهرجان القاهرة الدولي في نفس العام، فاز المخرج التونسي ويعود المهدي البرصاوي إلى البندقية بفيلمه الثاني “عائشة” ليشارك في المسابقة نفسها.

تخوض “عائشة” رحلة من نوع مختلف، تقوم بها فتاة قروية تتعرض لحادث سيارة أجرة مروع يودي بحياة جميع ركابها باستثناءها. تتظاهر بالموت وتسافر إلى العاصمة وتتخذ اسمًا جديدًا وهوية جديدة، لكن الحظ السيئ يلاحقها حيث تجد نفسها في وسط… قضية فساد كبرى في الشرطة ويجب أن تكون واحدة منها. يصبحون طرفا مهما.

يجمع البرصاوي بمهارة بين القصة الدرامية لشخصيته الرئيسية وبين الحياة العامة في تونس والبلاد والعاصمة، وبنظرة جريئة وواقعية وتحليلية إلى كيف يضغط هذا الواقع على الناس ويشكل شخصيتهم وأخلاقهم، ينجح في ذلك. قم بإنشاء عمل فني مثير وسريع الخطى دون الضياع في الميلودراما أو النظريات السياسية.

إقرأ أيضاً إقرأ أيضاً

«عائشة» مديرة «الشرق»: المشاركة في البندقية فرصة لاكتشاف مجتمعنا العربي

يشارك المخرج التونسي مهدي البرصاوي في الدورة الـ81 لمهرجان البندقية السينمائي بفيلمه الطويل الثاني “عائشة”.

هل غادر مارون بيروت؟

ومن ناحية أخرى، في فيلمها الوثائقي الطويل «عاد مارون إلى بيروت»، تروي فيروز سرحال حياة المخرج اللبناني الأشهر مارون بغدادي، الذي توفي قبل ثلاثين عاماً في حادث أحمق عندما سقط في سلم بناية والدته. وتاريخ بيروت السياسي وحاضرها منذ السبعينيات، عندما كتب البغدادي أولى أعماله عن العدوان الإسرائيلي على الجنوب والحرب الأهلية، وصولاً إلى تفجير مرفأ بيروت والأحداث التي تلته.

على مدار ساعتين، يتنقل سرحال عبر الأماكن التي عاش فيها مارون بغدادي ويلتقي بمن تبقى من أصدقائه ومعارفه، بالإضافة إلى بعض المخرجين الشباب الذين استلهموا عمله ومسيرته واتخذوه قدوة عليه خلال فترة عمله. حياته وبعد وفاته، ويستخدم مشاهد ومقتطفات من أفلامه، في حركة مستمرة بأسلوب الفيلم المقال، يجمع بين الذاتي والعام بأسلوب بناء ارتجالي يميز العديد من الأفلام الوثائقية اللبنانية.

ربما كان الفيلم يحتاج إلى بعض الاختزال وبنية أكثر إحكاما، لكنه على أية حال عمل مهم عن شخصية تستحق التذكر والتفكير فيها، وأكثر من ذلك فإن أعماله تستحق ذلك، اليوم لنرى أكثر من أي وقت مضى، لأنه اليوم مثل الأمس حتى معظم أفلام البغدادي تبدو وكأنها تتحدث عن عصرنا… وكأن مارون لم يغادر بيروت وهذا العالم قط.

يشارك فيلم «عاد مارون إلى بيروت» في قسم الابتكار والمسابقة التي أطلقها مهرجان البندقية السينمائي، وهي مخصصة للأفلام الحديثة التي تتمحور حول صانعي الأفلام أو الأفلام «الكلاسيكية». وقد أصبح هذا النوع من الأفلام منتشراً بشكل كبير في السنوات الأخيرة، ومن دونها لا يعد أي مهرجان دولي تعبيراً عن الحنين الكبير والاهتمام بإحياء الماضي من خلال السينما، وهو الحنين الذي لمسناه بوضوح في البندقية منذ اليوم الأول.

* الناقد الفني