حكم الاحتجاج بالقدر على فعل المعاصي أو ترك الواجبات

حكم احتساب القدر على ارتكاب الذنوب أو ترك الواجبات تفصيلاً، لأن كثيراً من الناس يعتقدون أن المعصية يمكن الاحتجاج بها باعتبار أنها قدر محتوم لا يمكن الفرار منه. ولذلك كان لا بد من علماء الشريعة توضيح هذه المشكلة، ومن خلال ذلك سنتعرف على كيفية الرد عليها. ومن يتذرع بالقدر لارتكاب الذنوب.

هل يمكن أن تكون الخطيئة اختبارًا؟ الذنوب جزء لا يتجزأ من معاناة هذا العالم ويجب على الإنسان أن يتوب منها
ما هي الذنوب التي تعتبر من كبائر الذنوب؟ كل خطيئة يختمها الله تبارك وتعالى بالعذاب والنار واللعنة كالقتل والزنا.

اتخاذ القرار باحتجاج القدر بارتكاب الذنوب أو ترك الواجبات

إن الاعتقاد بأن كل شيء في الدنيا بقدر ومكتوب من عند الله تبارك وتعالى لا يعني جواز الاحتجاج بالقدر للوقوع في الكفر وارتكاب الكبائر والمخالفات، فهي حجة باطلة بسبب الجهل. من دين الله تبارك وتعالى. وحقيقة أن القدر مكتوب من قبل الله لا يعني غياب إرادة الإنسان للقيام بذلك. اختياره الذي وهبه الله تعالى بقدرته.

ولذلك لا يمكن الاحتجاج بالقدر على المعصية، لأن الله تبارك وتعالى خص الإنسان بالعقل والسمع والبصر، وأعطاه خيار الاختيار، ولو جاز الاحتجاج بالقدر لما كان الإنسان كذلك. قادر أن يأكل أو يشرب أو ينام، ولو أمره الله أن يحيا لعاش، ولكن أي عاقل لا يفعل ذلك، لأنه يعلم. الأكل والشرب والنوم هي وسائل الحياة التي لا غنى عنها.

ولذلك فإن الصلاة والصيام والعبادة والطاعة والاجتناب عن المعصية من أسباب النجاة يوم القيامة، التي أوجب الله تبارك وتعالى على عباده التمييز بين الشر والخير. وبالتالي فإن الاحتجاج بالقدر على المعصية باطل وجاهلة لدين الله تبارك وتعالى.

لماذا لا يمنع الله عبده من ارتكاب المعصية؟

وبعد التعرف على نداء القدر لارتكاب المعاصي أو ترك الواجبات، لا بد من إدراك السبب الذي يجعل الله تبارك وتعالى لا يمنع عباده من ارتكاب المعاصي. وذلك لمبدأ المعاناة في هذا العالم، حيث يقول الله تبارك وتعالى في كتابه العظيم: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} قد يجربون أنفسكم ليروا أيكم هو الأفضل حقًا..} [هود – 7].

أي أن الله تبارك وتعالى خلق هذه الحياة كلها لتكون اختباراً لعباده: من منهم سيختار الصراط المستقيم، ومن منهم ستغريه الدنيا ويصده عن سبيل الله، ثم يهلكون في الدنيا والآخرة، قال الله تبارك وتعالى: {كل نفس ذائقة الموت. ولنبلونكم بالسيئة والشر فتنة. ولنا اختبار. يعود} [الأنبياء – 35].

وهذا دليل على أن المعاناة تحصل مع الخير كما تحدث مع الشر، وأن الإنسان مسؤول عن اختياراته في الدنيا، حتى لو أرادها الله، لأن الله تبارك وتعالى أراد لنا الاختيار، أراد لنا البلاء. لنا، والحساب يوم القيامة، فكل شيء بقدر الله، ولا يتعارض القدر مع مسؤولية الاختيار.

ماذا يجب على من يعاني من الذنب أن يفعل؟

وبعد النظر إلى استدعاء القدر بارتكاب الذنوب أو ترك الواجبات، من المهم معرفة علاج مشكلة الإدمان على ذنب أو أكثر، وهو الاجتهاد في التوبة إلى الله تبارك وتعالى توبة نصوحاً. التوبة في الإسلام لها ثلاثة أركان، وهي كما يلي:

  • والتوبة من فعل المعصية والوقوع في الذنب تؤدي إلى الرغبة في الامتناع عن تكراره، ومن لم يصل إلى هذه التوبة بنفسه فعليه أن ينصحها ويذكرها بربه.
  • الامتناع عن جميع ذنوب العبد وعدم العودة إليها مرة أخرى، ويجب عليه التوبة مرة أخرى إذا انتكس، ولا يمل من الرجوع إلى الله تبارك وتعالى مهما حدث.
  • العزم القلبي الصادق على عدم العودة إلى الذنوب، والاستعداد العقلي للتخطيط للتخلص من مخاطر الانتكاس بأي شكل من الأشكال، وهو ما يعتبر أهم ركن من أركان التوبة، والذي يتجاهله كثير من الناس.

لماذا يقع العبد في الذنب مع أنه تاب منه؟

بعد معرفة دعاء القدر بارتكاب الذنوب أو ترك الواجبات، من المفيد معرفة الأسباب التي تدفع المسلم إلى الوقوع في الذنب بعد التوبة منه، وهي كما يلي:

  • ضعف إيمان العبد بربه، وعدم مراقبة الله تبارك وتعالى في جميع الأوقات، وخاصة في السر.
  • وكثيراً ما يفتن قلب العبد فيخلط الحرام بالحلال، أو يستمتع بالحرام لشهوة أو لذة أو غير ذلك من الأسباب.
  • الجماعة المتكررة لرجال الشر والخطيئة، الذين ماتت قلوبهم وضمائرهم، وبدأوا في إرشاد الناس إلى طريق الضلال.

من كلام السلف في الذنوب والذنوب

وقد وردت عن السلف الصالح نصائح كثيرة لأصحاب الذنوب والمخالفات، وتأملات كثيرة في حالهم، ومن هذه الأقوال ما يلي:

  • قال العلامة ابن تيمية رحمه الله في حق أصحاب المعاصي: “وإن للكفر والمعاصي آلاما عاجلة باقية، والله أعلم بها، ولهذا تجد أكثر هؤلاء الناس” ولا تطيب العيش إلا بما يذهلك العقل، ويشغل القلب، كشرب المسكر، أو رؤية لهو، أو سماع مغني».
  • قال الحافظ ابن حجر: “وقد كان في قصة أحد والفوائد والحكم الإلهية التي ابتلي بها المسلمون أشياء عظيمة، منها: تعريف المسلمين بسوء عواقب العصيان، وسوء عواقب ارتكاب المحرمات. لما حدث عندما ترك الرماة مكانهم كما أمرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بعدم الخروج». .
  • قال الإمام النووي: “”الشر: ما ظهر من العصيان على العموم… ومعنى الحديث أنه إذا كثر الشر حصل الهلاك العام، ولو وجد الصالحون”.

إن المعاصي والذنوب مصيبة على المسلم وسوء اختيار، ولا يجوز أن يحتج بالقدر عليها، لأن كل شيء بقدر الله، حتى مسؤولية الاختيار، ولذلك يجب على كل مسلم أن يصلح نفسه قبل أن يخطئ. يهلك بسبب سوء النية والعمل.