حاملات الطائرات.. ذراع أمريكا لـ«ردع» إيران وتأمين إسرائيل

مع توقع الولايات المتحدة وإسرائيل رداً عسكرياً في أي لحظة الآن من إيران أو وكلائها بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس والرجل الثاني في قيادة حزب الله مؤخراً، بات الوجود الأكثر وضوحاً للجيش الأمريكي في المنطقة ممثلا في حاملات الطائرات «الضخمة».

وكان وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن قال الأحد إنه أمر مجموعة حاملة الطائرات إبراهام لينكولن بتسريع انتشارها في الشرق الأوسط، تاركة منطقة المحيطين الهندي والهادئ خالية من حاملات الطائرات.

ورافقت لينكولن، التي يبلغ طولها نحو 1100 قدم، سربين من الطائرات المقاتلة التي تحملها حاملة الطائرات، وطراد صواريخ موجه، ومدمرة صواريخ موجهة. وأرسلت الولايات المتحدة أيضا غواصة صواريخ إضافية إلى المنطقة مساء الأحد، بحسب بيان للبنتاغون.

وستنضم لينكولن إلى حاملة طائرات أخرى، وهي «يو إس إس ثيودور روزفلت»، التي تتمركز بالفعل في شرق البحر الأبيض المتوسط، مع فصل جناحها الجوي على الأرض، بحسب صحيفة «فورين بوليسي» الأمريكية.

وهذه هي المرة الثانية في ستة أشهر التي ترسل فيها الولايات المتحدة حاملتي طائرات إلى المنطقة، بعد إرسال «يو إس إس جيرالد فورد» و«يو إس إس دوايت دي أيزنهاور» في أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وقد أنهت حاملة الطائرات أيزنهاور للتو انتشارها الموسع في الشرق الأوسط.

لماذا؟

قال جيري هندريكس، وهو قبطان متقاعد في البحرية الأمريكية وزميل بارز في معهد ساجامور، وهو مركز أبحاث مقره الولايات المتحدة: «إن وجود حاملتي طائرات يشكل إشارة واضحة. فهو يسمح لنا بتغطية جانبي الشرق الأوسط»، مضيفًا أن «حاملة الطائرات القادمة من البحر الأبيض المتوسط تمنحنا تغطية مزدوجة تمكننا من تغطية إسرائيل من جانب والضغط على إيران من الجانب الآخر».

ورغم أن الخبراء العسكريين شككوا في قدرة حاملات الطائرات على الصمود في وجه الصواريخ الصينية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، والتي صممت خصيصا لتدمير المطارات العائمة الضخمة، فإن هذه الانتشارات الأخيرة تظهر أن حاملات الطائرات لا تزال بمثابة العمود الفقري للبحرية الأمريكية عندما يتعلق الأمر بإظهار وجودها في جميع أنحاء العالم.

وقال هندريكس إنه إذا اتخذ البيت الأبيض والبنتاغون قرار وضع حاملتي الطائرات على جانب واحد من الشرق الأوسط ــ إما في الفناء الخلفي لإسرائيل في البحر الأبيض المتوسط أو في الخليج العربي ــ فإن هذا من شأنه أن يمكن البحرية الأمريكية من الحصول على ما يقرب من عشرين ساعة يوميا من عمليات الطيران المتواصلة من حاملات الطائرات. والواقع أن قدرة إيران على تدمير سفينة بهذا الحجم محدودة، لأن تدمير حاملة طائرات يتطلب استخدام متفجرات ضخمة إلى حد كبير.

برايان كلارك، وهو زميل بارز في معهد هدسون، يقول إن «إيران قادرة على إطلاق مجموعة من الأسلحة على حاملة طائرات»، لكن السفينة ومرافقيها ربما يتمكنون من إسقاط تلك الأسلحة.

والسبب في أن حاملات الطائرات ــ التي تشكل بالفعل أحد أكبر أجزاء ميزانية البحرية بسبب حجمها وتعقيدها ــ تحظى بالكثير من العمل خلال الأزمة الحالية في الشرق الأوسط هو أنها قابلة للنشر بسهولة، طالما أنها طافية بالفعل.

وتقول بيكا واسر، زميلة بارزة في برنامج الدفاع في مركز الأمن الأمريكي الجديد، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن: «غالبًا ما تكون حاملات الطائرات هي الخيار الأفضل. هناك اتجاه مستمر لرؤية حاملات الطائرات منتشرة في الشرق الأوسط لهذه المهام الرادعة والطمأنينة».

فحاملات الطائرات لها «أهمية متجددة»، خاصة بالنسبة لمهمة البنتاغون التي بدأت قبل سبعة أشهر للدفاع عن الشحن في البحر الأحمر ضد ضربات الحوثيين في اليمن، الذين يهاجمون القناة ويحولون التجارة البحرية حول القرن الأفريقي، تضيف واسر.

وتابعت: إنها ليست ظاهرة جديدة أيضًا. قبل أن يسحب البنتاغون آخر القوات الأمريكية من أفغانستان في أغسطس/آب 2021، أمر أوستن حاملة الطائرات يو إس إس رونالد ريغان، التي تقوم عادة بدوريات صيفية في غرب المحيط الهادئ، بتوفير المزيد من القوة النارية لتغطية الانسحاب – وهي الخطوة التي أثارت الدهشة بين خبراء المحيطين الهندي والهادئ في واشنطن.

هل ستردع إيران؟

ورغم أن إيران امتنعت حتى الآن عن توجيه ضربة انتقامية ضد إسرائيل ردا على الاغتيالات الأخيرة، فليس من الواضح أن مجرد وجود المزيد من الأصول الأمريكية من شأنه أن يردع طهران. وأضافت واسر: «من الصعب قياس ما إذا كانت كل هذه الانتشارات لها التأثير الرادع المطلوب».

لكن حتى لو لم يكن لها تأثير رادع على الإيرانيين، فإن حاملة الطائرات كانت جزءا رئيسيا من جهود الدفاع الجوي في المنطقة خلال الأشهر القليلة الماضية، وفقا لكلارك.

وقال: «تنطلق طائرات إف-18 من حاملة الطائرات، وتسقط هذه الطائرات بدون طيار والصواريخ قبل وقت طويل من وصولها إلى السفن. لأنه إذا كانت طائرة بدون طيار بطيئة الحركة وكنت طائرة نفاثة سريعة الحركة، فما عليك سوى التحليق نحوها وإطلاق النار عليها».

وإذا لم تتمكن طائرات إف-18 من الوصول إلى هناك، فإن مشاة البحرية الأمريكية لديهم طائرات EA-18G Growlers، وهي نسخة متخصصة من Super Hornet يمكنها التشويش على الطائرات بدون طيار والصواريخ الإيرانية.

مشكلات لوجستية

لكن معدل العمل بدأ يفرض عبئه، فمن المفترض أن تخضع حاملة الطائرات روزفلت للصيانة. أما حاملة الطائرات «ترومان» فقد خرجت للتو من الصيانة، ولن تظهر قبل ثلاثة إلى أربعة أشهر أخرى.

أما حاملتا الطائرات «نيميتز» و«أيزنهاور» فقد دخلتا الآن في دورات ما قبل الخروج من الخدمة، وعندما يتم إخراجهما من الخدمة، فإن هذا من شأنه أن يخفض عدد حاملات الطائرات الأميركية النشطة من 11 إلى تسع.

وتمر حاملة الطائرات «ستينيس» بالمرحلة الثانية من عملية الإصلاح في منتصف عمرها، والتي تشمل طبقة جديدة من الطلاء بالإضافة إلى تجديد المراوح والدفات. وتتجه حاملة الطائرات واشنطن إلى المحيط الهادئ، لكن من المفترض أن تعود إلى الخدمة في بداية عام 2025.

وقال كلارك: «إن هذا الوضع غير مستدام إلى حد ما. فقد لا تكون هناك حاملة طائرات متاحة للذهاب إلى المحيط الهادئ لأنها قد تضطر إلى الذهاب إلى الشرق الأوسط، لأنه لم يعد هناك المزيد من حاملات الطائرات على الساحل الشرقي».