اعتقالات وتجنيد وإعدامات.. آلة الحوثي "تبطش" بقفاز "العنصرية"

لم ينس اليمني صفوان غالب قاسم يوم 17 مايو/أيار 2017، عندما فوجئ بدورية حوثية تداهم محله التجاري لاعتقاله ووضعه في سجن سري.

لأكثر من 3 سنوات، بقي صفوان (27 عاما) في أروقة سجن مليشيا الحوثي سيء السمعة المعروف بـ”الصالح” في مدينة الحوبان شرقي محافظة تعز (جنوب)، ليتعرض هناك للتعذيب. تعرض لكافة أشكال التعذيب الجسدي والنفسي والمعنوي، دون أي تهمة سوى أنه “مهمش”، أي أصحاب البشرة الداكنة.

لم يكن صفوان جندياً أو ناشطاً سياسياً، بل عاملاً بسيطاً في محله التجاري (مخبز يبيع المواد الغذائية)، وقد نهبت مليشيات الحوثي كل محتوياته، وسلبته كل مستلزماته الشخصية.

وصفوان هو واحد من أكثر من 3 ملايين و300 ألف شخص يطلق عليهم “المهمشون” ذوي البشرة الداكنة. ويشكلون 12% من إجمالي سكان اليمن، بحسب تقارير الأمم المتحدة.

نسبة الأمية المنتشرة بين ذوي البشرة السوداء تصل إلى 95% بسبب غياب دور الحكومات المتعاقبة طويل الأمد في حماية حقوقهم واستهدافهم ببرامج الدمج في المجتمع، مما أدى إلى عزوف غالبية أبنائهم عن الالتحاق بالمدارس المدارس واتجاهها للقيام بأعمال التنظيف وجمع القمامة، بحسب المصدر.

مستقبل قاتم

ويواجه المهمشون؛ وهم فئة تصنف على أنها الأفقر، مستقبلها قاتم بعد التجريف الواسع الذي مارسته مليشيات الحوثي ضدهم وتجنيدهم القسري في الجبهات، فيما لجأت إلى إعدام واعتقال كل من يرفض التجنيد، كما حدث مع صفوان الضحية

وقال صفوان قاسم لـ””، إن مليشيات الحوثي تقوم بتجنيد المهمشين أو من يسمونهم “أحفاد بلال”، إلى الجبهات عبر الإكراه والترهيب، بسبب جهل وضعف هذه الفئة وظروف الفقر والعوز. الاستخدام الذي يعيشون فيه.

وأضاف أنه ذاق كافة أنواع التعذيب في سجون مليشيات الحوثي منذ 3 سنوات. “لقد أخذوني من متجري التجاري وعاملوني كأسير حرب، وتم إطلاق سراحي في عملية تبادل أسرى في 19 ديسمبر 2019”.

يؤكد الشاب اليمني أن معاناة التعذيب الشديد الذي تعرض له مع 7 أشخاص آخرين عرفهم في السجن جميعهم لم يتمكنوا من رؤية ضوء الصباح أو ضوء القمر وكان هذا هو الدافع وراء ميله إلى اتباع الخط المرسوم على يد أشقائه الذين استشهدوا أثناء مواجهتهم لمليشيات الحوثي.

وأضاف: “عندما رأيت بأم عيني معاملة مليشيا الحوثي لمن يسمونهم بـ “أحفاد بلال” أي المهمشين، أدركت أن القضية فيها الكثير من الإساءة والتناقض، فهم ظاهرياً تمجيدهم من خلال استخدام التسميات المبالغ فيها إعلامياً، وفي الخفاء، يتعرضون للاعتقالات والانتهاكات وانتهاك حرياتهم وحقوقهم التي يكفلها الدستور وجميع الاتفاقيات الدولية وقوانين حقوق الإنسان.

التجنيد والإعدام

وفي عام 2020، وجه زعيم الميليشيا عبدالملك الحوثي، باستيعاب ودمج من أسماهم “أحفاد بلال” في المجتمع، لكن لم تمر سوى أيام قليلة قبل أن يُقتل العشرات من أبنائهم والمئات من شبابهم. تم إرسالهم إلى الخطوط الأمامية بعد أن تلقوا دورات تعليمية أيديولوجية فاقت مستوى فهمهم ووعيهم.

كما استغلت مليشيات الحوثي حاجة الفئة المهمشة إلى المال والظروف المعيشية الصعبة التي يعانون منها، لتجنيدهم بشكل جماعي ودفعهم إلى جبهات القتال.

وتشير الإحصائيات التي حصلت عليها ، إلى أن عدد المجندين من الفئة المهمشة يصل إلى (3600) مجند بينهم مئات الأطفال، تم تجنيدهم جميعاً في وقت واحد في محافظة إب، إضافة إلى تجنيد (15) امرأة بالقوة والعنف. الإكراه في جهاز “الزينبيات” بالأمانة الرئيسية بصنعاء. أما باقي المحافظات فتسيطر عليها الميليشيات.

ولا تقتصر معاناة المهمشين في المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي على الاختطاف والاعتقال التعسفي، بل تمتد إلى الإعدام خارج نطاق القضاء، كما حدث في يوليو 2020 عندما تم إعدام 4 نازحين في مدينة “الحرفين” في اليمن. مديرية قفلة عضر في محافظة عمران شمالي اليمن، بأمر من الحوثيين، ويدعى القيادي الحوثي “أبو حسين”.

وفيما يتعلق بأعداد المعتقلين، لا توجد إحصائيات لعدد “المهمشين” في سجون مليشيات الحوثي، ولا عدد الذين تم إرسالهم إلى جبهات الحوثيين وإعادة الجثث إلى ذويهم، بحسب رئيس اللجنة. من الاتحاد اليمني المنخرط في الدفاع عن حقوق المهمشين نعمان الحذيفي.

وقال الحذيفي في تصريحات خاصة لـ”” إن المهمشين كغيرهم من اليمنيين يتعرضون لمختلف أنواع الانتهاكات الحوثية “بغض النظر عن لونهم أو معتقدهم”، في إشارة إلى الانتهاكات التي طالت الأقليات مثل “الباحة”. “هو” “اليهود” و”المسيحيون”. الجانب “المهمش”.

وتراوحت تلك الانتهاكات، بحسب الحذيفي، بين الاعتقالات والتهجير، فيما ألقي المهمشون في معارك مليشيات الحوثي وأحرقوا في جبهات الجوف ومأرب وصعدة وتعز والبيضاء ولحج. يمثل حرب إبادة جماعية ضد فئة وأقلية لا جمل لها ولا جمل في الحرب الطائفية الحوثية.

وبحسب الحقوقي اليمني، فقد سبق أن قُتل آلاف المهمشين دفاعاً عن المشروع الحوثي بعد تجريفه في جبهات القتال، وبسبب جهل المهمشين بالتاريخ السلالي العنصري، وهو سبب مهم في تفاقم الوضع. استعباد وتهميش المهمشين في اليمن.

وأكد أن مليشيات الحوثي تتعامل مع المهمشين باعتبارهم مورداً بشرياً ومخزوناً استراتيجياً، وهو أسلوب تضليل يهدف إلى احتوائهم ووضعهم في جبهات القتال.

وطالب نعمان الحكومة المعترف بها دوليا بالتعامل مع مشاكل المهمشين كمواطنين وفق الدستور والقانون، لافتا إلى الانتهاكات والفظائع التي تعرض لها المهمشون على يد القوات الإخوانية في تعز.

وحذر نعمان من إطالة أمد الحرب من قبل مليشيات الحوثي التي تحاول كسر خصومها، وهو ما قد يشكل انتكاسة لكل اليمنيين، وليس فقط أصحاب البشرة الداكنة، لافتا إلى أن أي انتصار للحوثيين يعني أن المصير سينتهي. من المهمشين سيكون غير معروف.

وفي فبراير 2021، علق وزير خارجية الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، أحمد بن مبارك، على الأوضاع المأساوية التي تعيشها الفئة المهمشة التي تتعرض لمختلف أشكال انتهاكات حقوق الإنسان، مؤكداً على عمليات الاستقطاب والتجنيد المكثف من قبل مليشيات الحوثي. لهذه الفئة، وخداعهم، وإجبارهم على القتال في صفوفهم. وخاصة الأطفال.