استراتيجية جديدة.. هل يبتلع المحيط الهادئ نكسات فرنسا بأفريقيا؟

تلوح في الأفق ملامح استراتيجية فرنسية جديدة فيما يتعلق بإفريقيا، القارة التي كانت تحت نفوذ باريس لعقود من الزمن قبل أن يدخل الجيش على الخط.

وفي ظل الانقلابات التي شهدتها العديد من دول القارة الأفريقية التي كانت أنظمتها حليفة لباريس، بدا واضحا أن المجالس العسكرية الحاكمة الحالية لا تتفق مع نظرية استمرار الوجود الفرنسي في بلدانها.

ورغم أن باريس تؤيد بقوة التدخل العسكري في النيجر على وجه الخصوص، الدولة الواقعة على الساحل الأفريقي والتي كانت آخر حليف لها في المنطقة الاستراتيجية، فإن بطء الإجراءات واعتماد مجموعة غرب أفريقيا للدبلوماسية بدلا من العنف لم يترك سوى خيارات قليلة لفرنسا. .

وكشف رئيس أركان القوات الجوية الفرنسية، ستيفان ميل، عن ضغوط تشكل استراتيجية جديدة في أفريقيا، عندما أشار إلى أن باريس ستقلص وجودها في القارة الأفريقية مقابل تعزيز وجودها في “المحيط الهادئ”.

وبحسب موقع “ديفينس وان” الأميركي، فإن السياسة الفرنسية الجديدة أصبحت واضحة في المقام الأول لأن وزارة الدفاع تخصص أموالا في الميزانية الجديدة لإنتاج طائرات النقل الكبيرة من طراز “إيرباص” متعددة المهام.

وبحسب المسؤول الفرنسي، فإن هذه الطائرات ستلعب دورا مهما في تطوير استراتيجية فرنسا في المحيط الهادئ، مشيرا إلى أنها ستساعد الجيش على الوصول إلى المزيد من الأماكن بشكل متزامن وبشكل دائم.

الاعتراف بالفشل

ومن الواضح أن بوصلة باريس تتجه نحو الشمال، وهو ما يثير تساؤلات حول ما إذا كان ذلك يعني اعترافا ضمنيا بالفشل على الساحة الأفريقية، خاصة في ظل التراجع الذي شهدته انعكاساته على قارة بدأت مشاعر العداء تجاه باريس تتصاعد فيها. تتبلور بوضوح في ظل الانقلابات.

ومن مالي مرورا بإفريقيا الوسطى إلى بوركينا فاسو، تراجع الوجود الفرنسي بشكل كبير، فيما يواجه تحديات مماثلة في النيجر التي لا تزال تحتوي قواعدها لكنها غير فعالة في ظل رفض قادة الانقلاب الجدد لأي وجود فرنسي.

وفي ضربة مفاجئة جديدة، خسرت باريس حليفا آخر لها في غرب ووسط أفريقيا، بعد الإطاحة بنظام الرئيس علي بونغو ونقل السلطة قسراً إلى الجيش.

لكن رغم تراجع حضوره بسبب الغضب المتزايد ضده، حاول رئيس أركان القوات الجوية الفرنسية التقليل من أهمية تصريحاته بالقول إن تقليص حضور باريس في أفريقيا لا يعني أن دعم الأخير لمهام مكافحة الإرهاب على سواحل القارة.

وكانت مكافحة الإرهاب أساس الوجود الفرنسي على الساحل الأفريقي، وهو ما يفسر أيضا سبب احتفاظها -رغم النكساتبقواعد عسكرية في بعض دول القارة.

وتمتلك باريس قاعدة عسكرية في العاصمة الغابونية ليبرفيل، ومثلها في العاصمة الإيفوارية أبيدجان، إضافة إلى 5 قواعد في العاصمة التشادية نجامينا، وواحدة في داكار بالسنغال، وأخرى في جيبوتي بشرق أفريقيا.