أوكرانيون قرب كورسك.. ارتياح ممزوج بالخوف من طنين القنابل

مع تقدم قوات كييف داخل الأراضي الروسية، يراقب الأوكرانيون الذين يعيشون بالقرب من الحدود، المعارك بمشاعر مختلطة.. شعور بالرضا ممزوج بالخوف من قادم الأيام.

إلى مركز إخلاء في سومي، وهي مدينة تقع جنوب الحدود مباشرة، جاءت هانا فيدوركوفسكا، 21 عاما، مع جدتها البالغة من العمر 72 عاما، والتي كانت في حالة يرثى لها بعد أن تركت زوجها والمنزل الذي تقاسماه لمدة 52 عاما.

تقول هانا فيدوركوفسكا، تقول لشبكة “سي إن إن” “هذه هي نتيجة دخول (الروس) إلى أرضنا”.

“لقد دخلنا أراضيهم ليس لأننا أردنا ذلك، ولكن لأنهم جاءوا إلى منزلنا وسلبوا منا حياتنا السلمية. والآن عليهم أن يتعاملوا مع الأمر. وآمل ألا يذهب ذلك سدى وأن نحصل على السلام”.

وفي السادس أغسطس/آب الجاري، شنت القوات الأوكرانية هجوما كبيرا على منطقة كورسك عند الحدود مع روسيا، وهو الأكبر لجيش أجنبي على الأراضي الروسية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

وأمس، صرح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أن قوات بلاده “حققت مزيدا من التقدم. من كيلومتر إلى اثنين في مناطق مختلفة منذ مطلع اليوم. وأكثر من 100 عسكري روسي إضافي أُسروا في الفترة نفسها”.

في المقابل، أكد الجيش الروسي أن قواته صدت هجمات أوكرانية كانت تهدف إلى تحقيق تقدم أكبر في عمق منطقة كورسك قرب خمس بلدات، بينها ليفشينكا التي تبعد 35 كيلومترا عن أوكرانيا.

الخوف من قادم الأيام

كانت هانا وجدتها من بين مئات الأوكرانيين الذين تم إجلاؤهم من المناطق الحدودية في الأيام الأخيرة.

وتضيف فيدوركوفسكا، وهي طالبة، أن جدها البالغ من العمر 85 عاما أصرّ على البقاء، قائلا لها: “أنتِ أنقذي جدتك، وسأحرس ما نملك”.

وعن سبب قرار جدتها بالإخلاء، أوضحت “بعد بدء عملية كورسك، توقفت الهجمات بالمدفعية وقذائف الهاون لأن رجالنا طردوهم بعيدا عن الحدود. لكن الهجمات بالقنابل الموجهة والطائرات اشتدت. الآن لا يمكنهم الوصول إلينا بالمدفعية، لذلك يطلقون النار من الطائرات”.

وتابعت “نريد أن يفهم الناس كيف يكون العيش تحت القصف المستمر، والعيش في مكان عشت فيه طوال حياتك، مكان بذلت فيه كل ما لديك من جهد، حيث ربَّيت أطفالك، وذهبت إلى المدرسة … وأنك مضطر إلى المغادرة والانتقال إلى مكان آخر لأن القصف مستمر الآن”.

وتشير “سي إن إن” الأمريكية في تقريرها الذي طالعته “” إلى أن الهجوم المفاجئ شكّل دفعة قوية للجيش الأوكراني، لكنه ترك أيضًا بعض الأوكرانيين، بما في ذلك فيدوركوفسكا وجدتها، قلقين بشأن ما سيحدث بمجرد أن تجمع روسيا ما يكفي من القوات في المنطقة للرد.

الخوف من “ماريوبول ثانية”

سيرجي زيملياكوف، وهو جندي سابق قاتل في منطقة دونباس الشرقية في عامي 2014 و2015، يتحدث لشبكة “سي إن إن” من مركز الإخلاء: “أتمنى لرجالنا حظا سعيدا، لأنه إذا لم يتمسكوا بالأراضي (الروسية) التي استولوا عليها الآن، أعتقد أنه ستكون هناك الكثير من المشاكل في منطقة سومي. أعتقد أنها ستكون ماريوبول الثانية”.

وكانت مدينة ماريوبول الواقعة في منطقة دونيتسك قد وقعت في قبضة روسيا عام 2022 بعد أشهر من القصف والقتال.

وتقول القوات العسكرية الأوكرانية إنها تسيطر على حوالي 1000 كيلومتر مربع (386 ميل مربع) من الأراضي الروسية.

في حين أفادت السلطات الروسية بإجلاء أكثر من 100 ألف شخص من منطقتي كورسك وبيلغورود.

وخلال الأيام الأخيرة، فرّ الكثير من الأوكرانيين إلى مركز الإيواء في سومي، وهو ما لفتت إليه نيلا بوهايوفا، التي تعمل في إدارة الحماية الاجتماعية في إدارة المنطقة.

وأشارت في حديثها مع الشبكة الأمريكية إلى أن عمليات الإخلاء تكثفت خلال الأسبوع الماضي.، مضيفة “عندما بدأ القصف على منطقة سومي، لم يعد الناس قادرين على البقاء، لذا فقد غادروا. يوم الجمعة كان هناك 270 شخصا، وفي يوم السبت 382، وفي يوم الأحد 250”.

أولينا لوزكو محاسبة من قرية فيليكا ريبيتسيا الأوكرانية، التي تقع على بعد حوالي 4 كيلومترات من الحدود الروسية. غادرت هي أيضا في الأيام الأخيرة وسط احتدام القتال والقصف.

وقالت: “نحن سعداء جدا لأن جنودنا يهاجمون، لكننا خائفون جدا. ليس لدينا مكان نذهب إليه، ونحن خائفون من هذه القنابل الجوية الانزلاقية. الوضع يزداد سوءًا”.

والقنبلة الانزلاقية الموجهة FAB-1500 الروسية هي سلاح يزن 1.5 طن يتكون نصفه تقريبا من المتفجرات. ويتم إطلاقها بواسطة طائرات مقاتلة من مسافة 60-70 كيلومترا، خارج نطاق العديد من الدفاعات الجوية الأوكرانية.

بوريس لوماكو، صاحب مقهى من خاركيف، ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا، والتي تقع أيضا بالقرب من الحدود مع روسيا، يعتبر ما حصل “إشارة إلى روسيا بأن أي عمل يمكن أن يسبب رد فعل. أنت تهاجم – نحن نهاجم أيضا”.

وفي حديثه مع “سي إن إن” أعرب عن اعتقاده أن الهجوم المضاد سيساعد خاركيف – المدينة التي تعرضت لقصف مستمر منذ أشهر – على التنفس بسهولة أكبر.

وفي وقت سابق من الشهر الجاري، أعلن الرئيس الأوكراني أن بلاده تلقت أول دفعة من طائرات F16 المقاتلة الأمريكية الصنع، وأظهر للصحفيين العديد من الطائرات التي تأمل كييف أن تساعد في صد القوات الروسية.

رد فعل روسيا

وبالنسبة لأندري ليجين، وهو مقيم في العاصمة كييف ويبلغ من العمر 40 عاما، فهو يخشى رد فعل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على التوغل الأوكراني.

وقال: “قد ترد روسيا بأي شكل من الأشكال، بدءا برد عسكري محموم تماما. أو ربما يحدث نوع من التحول بين الشعب الروسي لأن الحرب انتقلت إلى الأراضي الروسية. دعونا نرى كيف سيتفاعل الروس مع هذا”.

واعترفت السلطات الروسية، الإثنين، بفقدان 28 بلدة وتحقيق كييف مكاسب تمتد على مساحة عرضها 40 كيلومترا وعمقها 12 كيلومترا.

وفيما وصف بوتين الهجوم الأوكراني بأنه “استفزاز كبير”، توعد بـ”رد لائق”، متعهدا بإخراج قوات كييف.

واعتبر بوتين في اجتماع بثه التلفزيون مع مسؤولين، الإثنين الماضي، أن كييف تسعى إلى “تحسين موقفها التفاوضي” في أية محادثات مقبلة مع موسكو.

وفي وقت متأخر الأربعاء أعلن حاكم منطقة كورسك، حيث تم إجلاء أكثر من 120 ألف شخص في الأيام الأخيرة، إخلاء منطقة إضافية هي غلوشكوفسكي.